Debaten intelectuales iraquies sobre obra de Fernando Baez
الخبير الدولي .. الفنزويلي فرناندو باييز : رأيت بعيني وسجلت بكامرتي كيف دمرت ..وسرقت الحضارة العراقية
فاروق سلوم
farouqsalloum@yahoo.com
الحوار المتمدن - العدد: 2019 - 2007 / 8 / 26
اعترف انني منذ أيام اقلّب امر الكتابة عن فرناندو باييز ..
وقد استعصت علي الكتابة !!
واعترف بالسكون الممتلي بالمعنى ساعة الكتابة هذه ..
فأنا بصدد انسان مليء و متنوّع وثري وأمين على تاريخنا الكبير .. مثلما هو صديق جمعتني واياه محنة بلادي وهو الشاعراللاتيني الرقيق والروائي السحري وخبير الحضارات والمكتبات القديمة ..
فرناندو باييزالذي زار العراق في مايو ايار 2003 للتحقيق بشأن المجزرة الحضارية ..
.. انا بصدد وطن ينزف الما طوال الزمان امام اعين الناس من كل لون .
وفرناندو باييز الصديق و الشاعر والخبيربشؤون الحضارات القديمة واحد منهم وهو ينزف حزنا على حضارات احبها وخسر من اجلها الكثير الكثير .. وتعرض لكل تهديد وهو يرى خزفها .. ورقمها الطينية ونماذجها الحضارية الهائلة في سومر وبابل وآشور ..وارثها الباهر يسحق تحت احذية الجند وسرف دبابات ابرامز ..
وهو في كل يوم يقتله الأسى اذ يرى اما م عينيه كيف يباع ارث الحضارة الرافدينية من قبل المافيا وعصابات تهريب الآثار تحت سمع وبصرالقوة الكبرى الوحيدة في العالم التي تحتل العراق!!
فرناندو باييز المولود في قرية سانت فيليكس شرقي كاركاس . عام 1958 الذي تعلم الحرف في تلك المدينة القصية .. وفي مكتبتها الغامضة التي امضى فيها طفولته – كما سنشهد اختصاصه فيما بعد - تعلم وقرأ حتى انهى تعليمة الأوليّ ودرس الفلسفة في بوينس آيرس .. وفي هارفرد في اميركا حصل على الماجستير و الدكتوراه في ادب اميركا اللاتينية .. لكن . .. الكتاب والمكتبة هما مشكلته منذ الطفولة ..
فقد كانت والدته في طفولته تودعه لدى قريبتها المشرفة على مكتبة المدينة الصغيرة .. وكان للتو يتهجى فكان يعيش في مبنى المكتبة مع حيوات سحرية وقراءات معرفية في تلك البناية القديمة الغامضة .. فيما يذهب والداه للعمل فيقضي فرناندو الصغير بقية النهار بين كتب العالم .. يقرأ ويتعلم ويحب الناس وثقافتهم .. حتى اتقن تاريخ المكتبات والكتاب .. وفجع اذ قرأ يوما كيف احترقت او احرقت مكتبة الأسكندرية في القرن السابع .. ومن حينها قرر شيئا .. عميقا ، - وقد حاز فيما بعد على جائزة فنتيلا هوريا عن دراسته تاريخ مكتبة الأسكندرية - وحين يكتب الشعر وقد غدا شاعرا معروفا فأنه لن ينسى ان يكتب قصيدته الملحمية اليخاندريا عن تلك المكتبة الشهيرة:
في نشيد النار
كنت تطلقين الحروف
وفي نشيد الجمر كنت تقولين ماهو اعمق
وفي نشيد الرماد كنت تصمتين
وغالبا كانفرناندو الشاعر يضع لقصائده عبارات منتقاة ، هي مدخل – او برليود.. لسمفونيته الشعرية اذ كان يختار عبارات من انريك مولينا : النفس التي تقدس الروح تقدس المطلق او يختار للشاعر الفرنسي آلان بوسكيه مدخلا لقصيدة ميزوبتيميا النار :
مع كل خلاف ثمة مايوحي بالنازية والفرقة والموت !! او .. القدر قد كتب .. لكن يدا مقدسة هي التي تقلب الصفحات كما نقلها مخطوطة على سفح من سفوح جبال الأنديز.
-----------------------------------
كل كتاب احرق .. فأنه يضيء العالم
-----------------------------------
في هذه العبارة يختار مقولة ايمرسون الكاتب والمفكر والشاعر والوزير الأمريكي خلال القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين .. ليدخل الى المحنة التي تعرضت لها حضارة ميزوبتيميا المدماة بالنار والحديد والأحتلال.. وقد شهد بعينيه في اوائل ايار مايو 2003ضمن مجموعة اليونسكو التي زارت العراق لتقصي حقائق ماحدث على ارض الرافدين من تدمير لحضارتها وآثارها ومكتباتها .. : انها اكبر فجيعة حضارية وثقافية مركبة منذ جنكيزخان يوم دمر مكتبات بغداد عام 1358 فقد سرق خلال الغزو الأمريكي – اقصد في ايامه الأولى – اكثر من مليون كتاب نادر ، عدا مااحرق من كتب المعرفة الأخرى ، وسرقت عشر ملايين وثيقة ، و14 الف قطعة اثرية نادرة لاتتكرر من بين170 الف قطعة اثرية اختفت من متاحف ومواقع العراق الآثارية .. خذ هذه ، يعرض صورة جدارية سومرية ‘ فقد بيعت غلى الحدود الجنوبية للعراق بمبلغ تافه (27الف دولار ) لجدارية سومرية قيمتها اكثر من مائة وخمسين مليون . ويتردد ثم يحكي ، ساقول لك اذن ، ان الجنود الأميركان والبولونيين هم الذين نهبوا آثار بابل .. بل ان شوارعها ومبانيها قد تعرضت الى خلخلة رهيبة جراء مرور العربات الثقيلة .. والشاحنات والطيرانالمروحي الكثيف .. وقد تم محو قصر نبوخذ نصر بل تمت تسوية .. منطقة واسعة بألأسفلت لتقف سياراتهم العسكرية في مكان غير ترابي .. وألأدهى انهم يحاولون الان ان يسرقوا قطع الطابوق من بوابة عشتار الشيء الوحيد الذي بقي واقفا من آثار بابل .. ويتردد باييز .. وكانه يستعيد الى الذاكرة انهم فعلوا اكثر من ذلك انهم يتبولون ويكتبون على الحيطان .. انا كنت هنما .. انا احب ماريا .. ...
لقد خالف الأميركان اتفاقية 1954 وبروتوكول عام 1999 الملحق بها القاضيان بحماية الأماكن الآثارية والحضارية في حالات الحرب والنزاعات المسلحة .. ولأنهم لم يوقعوا على الأتفاقية فهم مسؤولون ومتهمون .. بكل تلك الجرائم التي حصلت بحق حضارات العراق المتعاقبة ..
يقول باييز : لقد وثقنا كل شيء انا وآخرين في اللجنة التحقيقية الخاصة باليونسكو .. وحين طلبنا العودة الى العراق لأستكمال التحقيق .. قالوا لنا غير مسموح .. ولكننا نمتك كل وثيقة مهمة بالصورة والصوت .. وقد منعوني شخصيا من حضور اكثر من مؤتمر في الولايات المتحدة الأمريكية .. وانا خريج اكبر جامعاتهم .. هارفرد !!
------------------
توقيتات ووثائق
------------------------
تذكر حين حضرنا الأفتتاح المفتعل لما سمي المتحف الوطني بحضوربول بريمر في اواخر مايو/ ايار عام 2003 .. حين قلت : ( This is a big fake) .. انها كذبة كبيرة .. حين حدق بي احد مساعدي بريمر العسكريين ممتعضا .. وانسحبنا معا الى الخلف .. لقد كان كل شيء زائفا من قطع قليلة حقيقية صغيرة لاتزيد عن 3500قطعة غير مهمة .. والبقية نماذج من الجبس .. وللمصداقية اطلب من اليونسكو ان تسأل الدكتور دوني الذي تسلم مسؤولية الاثار ثم غادر البلاد هربا من الموت عن حقيقة الأمر . ثم في عام 2004 وكنا غادرنا ولم نعد قادرين على العودة الى العراق - كنا نتابع التحقيق عن بعد بطريقتنا الخاصة -.. فقد نهبت كل آثار متحف سومر فوق الأرض وتحتها اثر مواجهات بين المليشيات والقوات الأمريكية .. بل ان ثمة اكثر من 400000اربعمائة الف وثيقة ذات طابع دينى لمختلف الحقب احرقت بطريقة فضة من قبل القوات الأمريكية ولكن حين اكتشف الجنود ان سومر هي الأرض التي ولد عليها النبي ابراهيم بدأوا ياخذون كل شيء من كسر الخزف الى الحجر باعتبارها ذكرى لأرض مقدسة .. ياللمفارقة العجيبة ..
و اذكر حادثة حصلت في اواخر مايو 2004 حين قبض على بعض العسكريين الأيطاليين وهم يحاولون تهريب قطع آثارية متنوعة عبر الحدود الجنوبية للعراق وتم اطلاق سراحهم دون تحقيق ولانعرف اين ذهبت تلك الآثار .. عدا عن ماتسرب من آلاف القطع الصغيرة التي وضعها الجنود في ملابسهم او حقائبهم وفروا بها حتى ان احد الجنود اعترف لقناة سي بي أس نيوز قائلا : لقد شاهدت العديد من زملائي في الخدمة في اريزونا وقد اختلفت حياتهم من الناحية المادية بعد عودتهم الى الولايات المتحدة الأمريكية ..
انني ارى ان حرب امريكا جعلت العراق اقل امنا بشكل كبير وسيظل الأمر هكذا حتى سنوات طويلة حيث لن يسلم البشر .. ولا الحجر ..
لقد انهارت اجزاء من الجدار القديم لبابل .. وسومر والزقورة .. وآثار آشور في نينوى .. والحضر وعدد هائل من المواقع الاثارية التي تم تدميرها عن عمد .. وحين سؤل دونالد رامسفيلد عمن سمح لما يحصل للحضارات العراقية وآثارها.. قال بطريقته المرتبكة المعروفة : انها ليست قضية ان احدا قد سمح او لم يسمح بسرقة آثار العراق .. بل انها قضية شيء قد حدث بالفعل .. ويستطرد باييز قائلا : واليوم وقد صار العراق معبرا لكل عنف فان ثرواته الحضارية الباقية لن تكون في مأمن في المستقبل ابدا .
-------------------
اصوات خافتة وجبهة للدفاع عن الجريمة
--------------------------------------------
وحين اخذنا الحديث عن المسؤولية القانونية والتاريخية للولايات المتحدة حول تدمير الحضارة قال : انا اقول لك ان المكتبة الوطنية ببغداد ومكتبة الأوقاف التي تأسست مع تأسيس الدولة العراقية ومكتبة جامعة الموصل وجامعة البصرة والمكتبة المركزية لجامعة بغداد ومكتبات المحافظات والمدن قد تعرضت الى سرقة هائلة تحت سمع وبصر قوات التحالف وهنا اعني كل الدول التي شاركت في الأئتلاف العسكري لقوى التحالف وهذا يعني ان ثمة تعمد لمحو ذاكرة الشعب العراقي حتى ان بعض الأحزاب السياسية والدينية ساهمت في حرق واتلاف الكتب التي لاتتفق مع منهجها في عشرات المدن العراقية .. سأذكرك بمحرقة مكتبة طهران بعد الثورة الأسلامية ..
ان المطلوب اليوم هو العودة الى اليونسكو للتحكيم .. وكما نعرف فقد انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من عضوة منظمة اليونسكو على عهد ونالد ريغان 81- 89 وكان المعنى الخفي لكل ذلك هو ان تشتغل كل منظومات الأمم المتحدة فيما بعد وفي ظروف كظرف الحرب هذه .. ( كجبهة شيوعية واحدة ) .. هنا استعير النموذج الذي كان قائما في تعاون المنظومة الأشتراكية لخدمة الأتحاد السوفيتي .. والغريب ان الكثير من الخبراء والسياسيين والمعنيين يحاولون في تصريحات عامة التخفيف من الأمر وكأنهم يقومون بمعالجة الأشكالية النفسية وعقدة الذنب منذ فيتنام الى الحرب على العراق .. وحين دعيت لحضور مؤتمرات متعددة في الولايات المتحدة الأمريكية التي عشت فيها ودرست في اهم جامعاتها هارفرد .. وكتبت مئات المقالات في صحفها .. فأن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت منحي تاشيرة الدخولل لأكثر من مرة مثلما منعت من العودة للعراق من قبل .. لأن كتابي حول تاريخ حرق المكتبات .. والفصل الخاص بالعراق .. وطباعة الكتاب بأثني عشر لغة منذ عام 2004 حتى اليوم قد سبب مشكلة تاريخية ووثائقية لها ,.. انني فضحت الكثير لذلك اواجه الكثير .. فخذ مثلا ان سيدة الوركاء او موناليزا ارض الرافدين .. التي حطمت تحت بصر الأمريكان تزيد قيمتها على 150 مليون دولار لكن الأثمن من ذلك من الناحبية الفنية انها تشكل اقدم انموذج فني نحتي لوجه الأنسان على الأرض قبل 5200 سنة .. هناك 25الف قطعة مهمة اختفت تماما من بين 170000 قطعة اثرية .. وثمة خمسة آلاف مخطوطة في مكتبة الأوقاف ودار المخطوطات ومكتبة دار الحكمة وعشرات المتاحف والدور الثقافية والأعمال التشكيلية وغيرها بحيث ان الكولونيل ماثيو غدانوس الذي اختارته القوات الأمريكية للتحقيق في ماحصل للحضارات العراقية المتعاقبة بدا مغلوبا على امره من شدة العجز وجهله بقيمة كل تلك المعاني التي تنطوي عليها هذه الأحجار والكتب على حد قوله .. قلت له ان من بين عشرات الوثائق والمخطوطات هذه .. فقد احرقت اقدم نسخة من الف ليلة وليلة فقال : لابأس لحسن الحظ ان لدينا فيلما عن الأريبيان نايت ثم مز شفتيه..
ان الدمار الحضاري صعب التقصي صعب الأحصاء وصعب تقدير قيمته لذلك مهما كانت وثائقي ووثائق زملائي مهمة فضلا عن كتابي حول حرق المكتبات من سومر الى مكتبة بغداد فأن الفجيعة الأنسانية هي في قلب حضارتها القديمة حين ابيدت حضارة شعب بل سأقول .. ابادة شعب وحضارته وبكل اسف حصل ذلك ايضا بأيدي بعض ابناء البلاد ممن اختيروا لمثل هذه المهمات غير النبيلة ..
وفرناندو باييز الذي اصدر عدة مجاميع شعرية وبضعة روايات .. ويعّد كتابه عن تدمير حضارة العراق وحرق مكتباته اهم وثيقة تاريخية .. يتجول في كل العالم اليوم ليوقع على الطبعات الجديدة من كتابه الذي انتشر بشكل كبير في انحاء العالم .. لكنه يظل محبا لرئاسته لجمعية ارسطو الفنزويلية .. ومقعده في جامعة الأنديز اكثر من اي بلد منع من الدخول اليه لأن هذين الموقعين يسمحان له بحرية كبيرة الأتصال بالعالم ..والتواصل مع الاخرين .. وتحيتهم بل وتقديم كلمات الشكر والثناء على الجهد الذي يبذلوه للعناية بطباعة كتابي بمختلف اللغات .. وتقصي قصائدي وكتاباتي .. وبحوثي بشأن الحضارات القديمة.. انني اثني على جهدك فقد كنت اول من ترجم ونشر(*) عني حتى اني اضع مقالتك وترجمتك العربية في واجهة موقعي الألكتروني ..
كان يحكي كمن افتقد اثمن مالديه .. كتابا وحضارة !!
---------------------------------------
* راجع ترجمتي ومقالتي في الحوار المتمدن: فرناندوباييز في بغدا د في 18 /8/ 2004
Comments
¿no puedes darnos una traducción
del texto?
Samuel
(Miami)